عباد الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عباد الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

عباد الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عباد الله

المبشرات والمنذرات من الرؤى-----علامات الساعة


    الرؤى : مدخل تأصيلي

    الحسام
    الحسام
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 5
    تاريخ التسجيل : 26/11/2016

    الرؤى : مدخل تأصيلي  Empty الرؤى : مدخل تأصيلي

    مُساهمة من طرف الحسام الخميس ديسمبر 08, 2016 2:45 am



    عالم الرؤى عالم غريب وعجيب ، فهو ما تبقى للأمة من المبشرات بعد النبوة ، والرؤى الصادقة هي شكل من أشكال الإعلام الخفي الغيبي ينتقل للروح من عالم الغيب ، وفي آخر الزمان تصدق رؤى المؤمنين سواء المبشرة أو المحذرة .
    وعلم الرؤى وتعبيرها علم عظيم اختص الله به أنبيائه وعلى وجه الخصوص تميز به النبي يوسف عليه السلام ، وكذا اختص به ورثة الأنبياء من العلماء الصالحين ، لكن لكونه علم رمزي في أغلب جوانبه لا يتصور من كل عالم رباني أن يتقنه ، بل هو من الدرجة الأولى منحة إلهية يختص الله بها بعض عباده العالمين .
    من هذا الوجه أقول : يشترط للتعبير صفتان : حصول ملكة التأويل لدى صاحبها والمنحة الربانية المرافقة لها ، والثانية : العلم بأصول هذا العلم الغيبي العميق الرقيق .
    أما لماذا العلم إضافة للملكة والموهبة الربانية ؛ فلأن الرؤى أشبه بالأمثال في رمزيتها ، بل الأمثال تعتبر جزء من رمزية الرؤى ، وقد بين القرآن الكريم أنه لا يعقل الأمثال الربانية إلا أهل العلم ، يقول الله سبحانه وتعالى : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }العنكبوت43
    فكذلك الرؤى هي الأشبه بالأمثال ؛ لذا لا يتصور أن يعقلها بمدلولها الحقيقي إلا العالم في ميزان الله سبحانه وتعالى .
    فالعالم هو الأقدر على فك رموزها ودلالتها الغيبية ، وهو الأقدر على التمييز بين المفارقات الدقيقة بين رؤية وأخرى أو رمزية وأخرى كالغل والقيد مثلاً ، فكلاهما رباط لكن أحدهما محمود (القيد) والآخر مذموم ( الغل ) .
    وهو الأقدر على معرفة دلالة الحال وأثرها على تأويل الرؤية ، وهو بربانيته وعلو علمه يقتدر على كشف زيف الرؤى أو نقصانها أو الزيادة فيها ، أيضاً معرفة درجة تسلل الشيطان وحظه منها ، على سبيل المثال : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ( جَاءَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَرَأَيْتُهُ بِيَدِي هَذِهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَعْمِدُ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَيَتَهَوَّلُ لَهُ، ثُمَّ يَغْدُو فَيُخْبِرُ النَّاسَ»([1])
    كذلك العالم الرباني يستطيع أن يكشف مقدار حظ الشيطان حال تسلله للرؤى الصادقة حال الأماني التي تكون في الماورائية الذهنية للرائي ، وهذا الحظ أرشد إليه الله سبحانه وتعالى في سورة الحج يقول الله سبحانه وتعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52
    فالآية صريحة أن الإلقاء الشيطاني يتسلل حال الأماني في الوحي المحض الصادق ، لكن لخلوص الوحي وحفظه من رب السماء رعاية للنبي والرسول كان الله يزيل وينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم آياته .
    فإذا كانت الأماني مدخلاً لتسلل الشيطان في الوحي ووليجة لإلقائه ، فمن باب أولى في الرؤى كجزء من الوحي يحصل لأناس عاديين .
    كذلك العالم الرباني يستطيع أن يكتشف بعض الرؤى المتعارضة مع مدلول الوحي العام ، إذ لا تعارض حقيقي بين أجزاء الوحي ، وهنا يظهر رسوخ العالم في التأويل بما لا يتعارض مع مدلول الوحي العام حال كون الرؤية صادقة . على سبيل المثال عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ : ( أَنَّ رَجُلًا رَأَى رُؤْيَا: مَنْ صَلَّى اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقُولُ: «اخْرُجُوا لَا تَغْتَرُّوا فَإِنَّمَا هِيَ نَفْخَةُ شَيْطَانٍ» ( )
    وهذا من فقه ابن مسعود ورسوخه في العلم ؛ حيث عبر عن الرؤيا هنا بأنها نفخة شيطان بالرغم من أنها هاتف والهواتف أصدق الرؤى لكنه هاتف شيطاني ، واستخدم كلمة نفخة وليست همزة أو نفثة ، لأن تسلل الشيطان هنا هو من باب الخير ليدخلهم للابتداع والغلو في الدين واختراع ما ليس منه ، فناسب الأمر النفخ هنا . وقد حكم عليها ابن مسعود رضي الله عنه أنها نفخة شيطان لأنها تعارض مدلول الوحي العام وفتح باب للتعبد بغير ما شرع الله سبحانه وتعالى .
    كذلك لفتة مهمة هنا وهي تختص بربانية العالم وملكته وهي القدرة على معرفة البشارة فيما ظاهره النذارة ، أو النذارة فيما ظاهره البشارة في بعض الرؤى على سبيل المثال هذه الرؤية التي عرضت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: ( مَرَّ صُهَيْبٌ بِأَبِي بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَالَكَ أَعْرَضْتَ عَنِّي؟ أَبْلَغَكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ، قَالَ: لَا، وَاللَّهِ إِلَّا الرُّؤْيَا رَأَيْتُهَا كَرِهْتُهَا، قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: " رَأَيْتُ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْحَشْرِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، جَمَعَ لِي دَيْنِي إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ» ) ([2])
    فظاهر الرؤية أنها منذرة لكن أبا بكر الصديق رآها نعم الرؤية حيث أولها بالخير العظيم له يوم الحشر . وفي ظني لو عرضت هذه الرؤية على أهل التأويل في عصرنا قد يعبرونها أنها منذرة ، وهنا تأتي قيمة الفهم وطبيعة حال الرائي أو المرئي له .
    هذه لفتات بسيطة عن طبيعة علم الرؤى وعظمته ، وهو من أسمى أنواع الفتوى والتوقيع عن رب العالمين ، وللأسف تصدر هذا العلم على جلالته كثير من البغاث وضعاف البصيرة والعلم مما عزز فوضى في الفهم واضطراب في التصور عند الكثيرين المتابعين في هذا المجال ، وكنت اتمنى أن يتصدر هذا العلم أهله .



    ([1]) ابن أبي شيبة : المصنف ( 6/175)
    ([2]) ابن أبي شيبة : المصنف ( 6/179)

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 6:24 pm